ضمن فعاليات الموسم الثقافي لجامعة القاهرة ألقى أمس الأربعاء الموافق 13 رجب 1437 هـ - 20 إبريل 2016 مـ فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة - عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف - محاضرة بعنوان "الدين والتدين والدنيا " أهم ما جاء فيها :
1- الدين علم والتدين سلوك :
تحت عنوان " الدين والتدين والدنيا" قال فضيلة د. علي جمعة أنه ينبغي علينا أن نفهم هذه المصطلحات، وأن نعرف أن الدين علم وأن التدين سلوك ويجب أن يكون هذا السلوك مقيدًا بالذكر والفكر قال تعالى : {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191]
كذلك يجب أن يكون هذا السلوك منضبطًا بالتخلية والتحلية؛ فنخلي قلوبنا من كل قبيح ونحليها بكل صحيح.
ولابد أن يكون سلوكنا أيضا مقيدًا بالأدب مع الله، وباتباع المحجة البيضاء التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- الدين علم وله علماءه :
وذكر فضيلته أن الدين هو هذا الوضع الإلهي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى لأجل سعادة البشر، وهو قائم على عبادة الله، قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ، وعلى عمارة الأرض قال تعالى : {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] أي طلب منكم عمارها ، وعلى تزكية النفس قال تعالى { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9].
كما أكد فضيلته على أن الدين علم وهذا العلم له علماءه، فالإسلام ليس فيه كاهن يستطيع أن ينشئ الأحكام إنشاءً.
3- أُمِرنا في الإسلام بعبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس :
كما أوضح فضيلته أن الإسلام قد أمرنا بعبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس؛ وهذه التزكية شرحها لنا القرآن الكريم على أبدع ما يكون في نظام أخلاقي فريد من خلال أسماء الله الحسنى التي يفوق عددها في كتاب ربنا عز وجل مائة وخمسين أسمًا من أسماءه سبحانه، وهي صفات وصلت إلى الغاية فسميت بالأسماء، وأسماء الله الحسنى تمثل هيكل الأخلاق عند المسلمين.
4- صلاح التدين هو صلاح للدين والدنيا :
كما نبَّه فضيلته أنه إذا انصلح التدين وأصبح على منهج الدين الصحيح صلحت الدنيا، أما إذا فسد التدين فسيخفي وراءه الدين الصحيح ويفسد الدين والدنيا معا؛ هذا الذي يحدث أمامنا والذي رأيناه في تجربة حياتنا أن أناسًا يسعون في الأرض فسادًا ويأخذون الدين ستارًا لهم ، فهم يرفعون هذا اللواء ويعتقدون في أنفسهم أنهم هم الأولى بالدين وأنهم خلفاء الله في أرضه وأنهم ظل الرحمن !!
5- التدين المغلوط يشوه صورة الإسلام في العالمين .. الخوارج نموذجا :
وقال فضيلته أن تطبيق ما ورد في الدين على الدنيا حتى يحدث معه التدين الصحيح، قد يحدث معه مشارب مختلفة وأفهام متعددة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالحنيفية السمحة والتيسير والرحمة للعالمين ونهانا عن التنطع والتشدد وعن الخروج عن الصراط المستقيم هذا ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الخوارج - وقد يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم الخاشعة الطويلة المستمرة - إلا أنهم لا يعرفون صحيح الدين بل إنهم يشوهون الدين بالدين ولذلك استحقوا أن يكونوا من كلاب أهل النار.
وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد التحذير من هذا الصنف من الناس الذي يعكس الدين من أجل رفع راية الدين ويتوصل إلى مراده فيعبد الله كما يريد هو لا كما أراد الله كما فعل إبليس.
6- المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وأوضح فضيلة د. علي جمعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك لنا المحجة البيضاء ولها معالم حتى نتدين بموجبها ، فإذا خرجنا عن هذه المحجة البيضاء فقد أخطأنا.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا بالصدام بل قال " إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوىً مُـتَّـبَـعًا وَدُنْـيَا مُؤْثَـرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنكَ أَمْرَ الْعَامَّـةٍ" راوه أبو داود,
وأمرنا أن نُربع على أنفسنا وأن ننسحب من الفتن، وهو الذي أمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر وقال "الدين النصيحة" ولكن بشروطها وبكيفيتها وبوقتها وبأشخاصها وبمكانها ، فإن خرجنا عن ذلك فنكون قد خرجنا عن نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن منهاجه القويم وعن وحي ربنا له ولذلك قال "لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز العرش".
كثير من الناس يرى لنفسه حولا وقوة ولكنه لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا يكون في كونه إلا ما أراد.