النبي صلي الله عليه وسلم نور هذا صحيح قال تعالى : ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾([1])، وقال تعالى: ﴿ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾([2])، فهو صلي الله عليه وسلم نور ومنير، ولا شيء في أن تقول إن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم كان نورًا طالما أن الله عز وجل قد وصفه بذلك وسماه نورًا، ولقد ثبت في السنة أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون : إنه وجهه صلي الله عليه وسلم كالقمر([3])، وقدر أخبر صلي الله عليه وسلم أنه عندما حملت فيه أمه: «رأت نورًا أضاء لها قصور بصرى من أرض الشام »([4])، وقد أخبر أصحابه رضوان الله عليهم أن : «النبي صلي الله عليه وسلم عندما دخل المدينة أضاء منها كل شيء، وعندما مات أظلم منها كل شيء»([5]) إلى غير ذلك من آثار وأحاديث تبين أنه صلي الله عليه وسلم كان نورًا، ولا ينبغي أن ننفي أن ذلك النور كان حسياً، فليس هناك ما يتعارض مع كونه كان منيرًا، وأنه صلي الله عليه وسلم له نور حسي مع أصل العقيدة، كما أنه لا يعارض طبيعته البشرية التي أخبر بها القرآن.
إن المحظور هو نفي البشرية عنه صلي الله عليه وسلم؛ لأن هذا مخالف لصحيح القرآن فقد قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ﴾([6])، فالسلامة في ذلك أن تثبت كل ما أثبت الله لنبيه صلي الله عليه وسلم فتثبت أنه صلي الله عليه وسلم كان نورًا ومنيرًا ولا يزال، وأنه بشر مثلنا، دون تفصيل وتنظير.، وإثبات النور الحسي له صلي الله عليه وسلم لا يتعارض مع كونه بشرًا، فالقمر طبيعته صخرية، ومع ذلك هو نور وله نور حسي، والنبي صلي الله عليه وسلم خير من القمر، وخير من خلق الله كلهم، نسأل الله أن يهدينا الطريق المستقيم، فهذا بيان لقضية نورانية النبي صلي الله عليه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________________________________
([3]) النسائي في الكبرى، ج5 ص 187، وج6 ص155، والطبراني في الكبير، ج10 ص 147، وذكر ذلك أيضا الحافظ ابن حجر في الإصابة، ج6 ص 180.
([4]) رواه الطبري في تاريخه، ج1 ص 458، وابن هشام في السيرة النبوية، ج1 ص302، وصاحب حلية الأولياء، ج10 ص 374.
([5]) رواه أحمد في مسنده، ج3 ص 268، والترمذي في سننه، ج5 ص 588، وابن ماجه في سننه، ج1 ص 522، وابن حبان في صحيحه، ج14 ص 601.