(الرقيب)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه، وَمَنْ والاه.
مع اسم من أسماء الله الحسنى، ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
نعيش مع اسمه: (الرقيب).
و (الرقيب): على وزن (فعيل)، ووزن (فعيل)، يصلح للدلالة على الفاعل، وعلى المفعول.
فالله سبحانه وتعالى هو الْمُرَاقِب، الذي يراقبك في كل شيء، فيراك في ظاهرك، وفي باطنك، في سرك، وفي علانيتك، أمام نفسك، وأمام الناس.
وهو رقيب عليك سبحانه وتعالى، لا تغيب عنه مثقال حبة من خردل في السماوات، ولا في الأرض، فهو سبحانه بحق: الرقيب، الْمُرَاقِب.
والرقيب؛ إنما يكون من أجل الحساب، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد أمرك بأوامر، ثم يرى فعلك بإزاء هذه الأوامر، في مقابلة هذه الأوامر، فالرقابة تكون بعد وضع ما نراقب بإزائه.
لا بد أن يكون هناك: خطة من الأمر والنهي، هدى، تكليف.
ثم بعد ذلك: نرى فعلك؛ كم طابق هذا؟
فقد أمرك سبحانه وتعالى بـ (افعل)، ولا تفعل.
فقال لك: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: 78].
فهل أقمتها؟
وقال لك: ائتِ الزكاة، فهل أتيتها؟
وقال لك: امتنع عن الشر، عن الحقد والحسد، عن الخنا والفاحشة، عن شرب الخمر، فهل فعلت ذلك؟
وقال لك: اعمل عمل الخير: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].
فهل فعلت ذلك؟
هنا يأتي وجه المقارنة بين عملك، وبين أمر الله سبحانه وتعالى فيك، وهذه هي الرقابة.
فالرقيب معناه: أنه يقارن عملك؛ بِمَا أُمِرْتَ به، فإن وجد خيرًا: جزاك خيرًا، وإن وجد غير ذلك، فالأمر مردود إليه سبحانه وتعالى:
إما أن يعفو عنك، وأن يغفر، وأن يرحم، وسبحانه رحمته قد سبقت غضبه، وعفوه قد سبق مؤاخذته.
وإما أن يؤاخذك به، إذا كنت يعني قد فعلته بشر؛ ولذلك خَوَّفَكَ: ﴿ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [الزمر: 16].
والتقوى: هي العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
يعني إذن، هي أن يجدك الله سبحانه وتعالى حيث ما أمرك.
فمعنى الرقابة تتحقق في المقارنة، ويجب عليك أن لا تجعل هناك فارقًا بين ما أُمِرْت به، وبين عملك، وبين ما أرادك الله أن تقوم فيه، وبين ما أنت فيه.
ولذلك من دعاء الصالحين: «اللهم انقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك».
علمونا كده، ندعي كده.
لأن دائرة السخط فيها: معصية، ولأن دائرة الرضا فيها: رحمة، وفيها: نظر، من نظر الله.
فالله رقيب، بهذا المعنى.
وهو رقيب أيضًا: أي ينبغي عليك أن تراقبه سبحانه وتعالى في السر والعلن، وهذا أقرب طريق لأن تجعل قلبك رقيقًا.
ما هو بنقول: رقيق، تصلح للمفعول، وتصلح للفاعل، فقضينا في هذا الكلام على... تكلمنا عن الفاعل، طب، أين المفعول؟
ما هو سبحانه وتعالى، نحن نراقبه، يبقى هنا اسم المفعول جه أهو.
نراقبه فين؟
في أنفسنا، خايفين منه، هو بيحبنا، وإحنا بنحبه؛ ولكن يجب علينا أن يكون هذا الحب: دافعًا لأن ندخل دائرة الطاعة.
إن كنت حقًّا حِبَّه لأطعته |
* |
إن المحب لِمَنْ يحب مطيع |
يقول لك:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه |
* |
....................................... |
بلسانك يعني، وأنت قاعد تعصيه ليل نهار.
........................................ |
* |
هذا لعمري في القياس بديع |
يعني أنت... إزاي القياس ده، أنت جبتها إزاي؟
لو كنت حقًّا حِبَّهُ لأطعته |
* |
إن المحب لِمَنْ يحب مطيع |
فالرقيب سبحانه وتعالى: رءوف، ويجب عليك أن تأخذ منه ذلك الاسم؛ حتى تنتقل من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه.