بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180]. فالله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى، وله الصفات العُلا، وأمرنا أن ندعوه سبحانه وتعالى بها. والدعاء يستوجب التخلق بجمالها والتعلق بجلالها.
ألا يريد أحدنا أن يغفر الله له؟ كلنا نريد أن يغفر الله لنا. ألا يريد أحدنا أن يرحمه الله؟ كلنا نريد ذلك؛ ولذلك فلابد أن نرحم وأن نعفو وأن نغفر ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 109]، وفى حديث الأولية يقول رسول الله صلى الله عليه وسلـم : «الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». ومن أسماءه وصفاته سبحانه وتعالى (الرحمن الرحيم).
والرحمن الرحيم مشتق من الرحمة، رحمن، ورحيم يسميها أهل النحو: بصيغ المبالغة. لأنها تبالغ في الصفة من اسم الفاعل، وأسم الفاعل راحم، لا هو ليس راحم فقط؛ لأن اسم الفاعل يتحقق ولو بشيء من الرحمة، ولكن ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: 54]، ربنا سبحانه وتعالى قد سبقت رحمته غضبه، فيغضب ممن يفسد، ولا يحب المفسدين والظالمين والكاذبين، لكنـه أيضًا غلَّف هذا برحمة عجيبة غريبة، نراها في الدنيا وستكون في الآخرة، أوَّل كلمة نواجهها في القرآن الكريم، وأوَّل أيه من سورة الفاتحة التي هي أوَّل سورة في القرآن ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: 1]، الرحمن هو رحمن الدنيا؛ لأنه يرحم المؤمن والكافر، ويرحم الملتزم والمفرط، ويرحم الخلق جميعًا، والرحيم؛ فهو رحيم الآخرة، ربط الله هذه الحياة الدنيا بحياة آخرة فيها الحساب، العقاب والثواب، ﴿ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [الزمر: 16]، فغرض هذا التخويف بالنار ليس هو إظهار جلال الله وحده، بل إن الغرض منه هو التحكم في سلوك البشر، في ألا يضل البشر، وألا يعلو بعضهم على بعض، وألا يمارسون.. وألا يمارسوا الطغيان والبغي في هذه الحياة الدنيا، وأن يقوموا بواجبهم بإزاء ربهم، وبإزاء أنفسهم، وبإزاء الآخرين، وأن يكونوا محل سلام وأمان، ودعوة صالحة تعمِّر الأرض، ولكن شهـوة البشر غالبة؛ ولذلك خوَّف الله عبادة بهذا، إلا أنه بدأ هذا التخويف بالرحمن الرحيم، يعنى لابد أن نفهمه من خلال أن ذلك من خلال رحمة الله.
الرحمة هي أساس الحب، وهى أساس الكرم، الحب عطاء؛ ولذلك فيتولد منه الكرم؛ لأن من أحب شخصًا فإنه يعطيه.. يعطيه من قلبه، يعطيه من وقته، يعطيه من خبرته، يعطيه من حنانه، هذا الحب إنما يصدر من قلب قد عرف شيئًا من الرحمة، لا يمكن أن نتصور أن المحب يكــون قاسيًا على حبيبه، إذا دخل الحب في قلب أحدهم فإننا نرى الرحمة أصلًا لهذا الحب؛ ولذلك قال الله: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، الرحمن الرحيم هي أصل الحب، وأصل العطاء والكرم والجود، وهذا في الحقيقة هو أساس الخلق الحسن.
الرحمن الرحيم كررها مرتين! فَلِمَا لَمْ يقل: بسم الله الرحمن ، أو بسم الله الرحيم، لأن الله له صفات الجمال والجلال، فكان من الممكن أن يقول: بسم الله المنتقم الجبار. أو يقول: بسم الله الرحمن المنتقم. واحدة من الجمال والثانية من الجلال، إلا أن البشر لا تطيق التجلي بجلال الله عليها، بل تحتاج إلى جماله ورحمته وعفوه سبحانه وتعالى؛ ولذلك قال: بسم الله الرحمن. ولم يسكت على هذا فقال: الرحيم. معنى هذا أن الإنسان في جمال صفات الله، وفى جلال صفات الله. هو بين الجلال والجمال، لو اقتصر على واحدة لما ظهر هذا المعنى، لكن لما قال: الرحمن وثنى بالرحيم، فكأنه قد جعل الإنسان بين صفتين من صفات الجمال إشارة إلى علو هذا المقام الجليل، وإلى علاقته بالإنسان الذي هو من صنعه الله، لو عرف الطبيب هذا لرحم المريض، لو عرف الإنسان هذا لما قتل أخاه الإنسان، لو عرف المهندس هذا لما غش في البناء، حتى ينهار على بني الإنسان، كان يعظم بنيان الرب، وكان يعرف قيمة الإنسان عند من جعله بين الرحمة والرحمة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه، وَمَنْ والاه.
مع اسم من أسماء الله تعالى، ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
نعيش هذه اللحظات مع اسمه: (الرزاق).
والله سبحانه وتعالى هو (الرازق)، و (الرازق) اسم فاعل، و (الرزاق) صيغة مبالغة.
فهو الذي عنه الرزق أصلًا، فالرزق كالأجل، ليس بيد أحد، وليس بسعي أحد؛ ولكن الله سبحانه وتعالى يبسط الرزق لِمَنْ يشاء ويقدر، أي يضيق.
فنرى بعضهم قد وفقه الله سبحانه وتعالى بقليل العمل، ونرى بعضهم قد قدر عليه رزقه مع كثير العمل.
وهذا التوكل لا يمنع السعي، فإن الرازق والرزاق سبحانه وتعالى، يريد منا قلوبنا؛ لكنه يأمرنا في أعمالنا، قلوبنا تتعلق به، وتتوكل عليه، وترجو منه الخير كله، وتدعوه:
اللهم ارزقنا رزقًا واسعًا، وقلبًا خاشعًا، ونفسًا قانعة، وعينًا دامعة، وشفاء من كل داء.
لكن: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: 105].
لكن: «إن من الذنوب ذنوبًا لا يكفرها إلا السعي على الرزق». كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم.
لكن لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلـم المسجد، فوجد أحدهم ينقطع للعبادة، قال: «من أين يأكل هذا؟». قالوا: كلنا يعطيه يا رسول الله، قال: «كلكم أفضل منه».
في حين أنه أجاز التفرغ للعلم، فقال عندما رأى أحدهم، أو عندما جاءه أحدهم يشكو أخاه، أنه ينقطع إلى العلم، وهو يتكفل بإطعامه وبشأنه. قال: «لعلك تُرْزَقُ بأخيك».
فأجاز ما يمكن أن نسميه في لغة عصرنا بالمنحة العلمية؛ ولكنه لم يجز التفرغ للعبادة، إلا لِمَنْ كان قادرًا أن يكفل نفسه، وعنده من المال ما يبلغه حاجته.
(الرزاق) فالله سبحانه وتعالى دائم الرزق، لا يرزق مرة واحدة، ثم يترك الإنسان لحوله وقوته، بل إنه يرزق باستمرار.
(الرزاق) كلمة عظيمة، تجعلنا نتعلق بصفة الفعل هذه، فالرزق من صفات الأفعال، وصفات الأفعال معناها: أن الله سبحانه وتعالى لو فعلها، فهو الكريم الجواد، ولو لم يفعلها فلا شيء عليه، مثل: الرحمن. كذلك إذا رحم الله سبحانه وتعالى عباده، فَمِنْ فضله، وإن حاسبهم وآخذهم، فَمِنْ عدله.
والرزق هنا، إذا بسطه سبحانه وتعالى، فهذا أمره، وإذا قدره، وضيق عليه، فهذا من حكمته.
فكلمة (الرزاق) يسمونها: من صفات الأفعال؛ بخلاف صفات الذات، كالقدير، كالعليم، كالسميع، كالبصير، فهذه صفات الذات، نفيها يستلزم نقصًا؛ ولكن صفات الأفعال: نفيها لا يستلزم نقصًا.
ولذلك ينبغي علينا هنا: التوكل والرضا بأمر الله سبحانه وتعالى.
اسم من الأسماء الذي لا بد عليك أن تعلق قلبك به، وَمَنْ عرف أن الرزق بيد الله؛ فإنه لا يسأل من أحد، وَمَنْ سأل الناس، جاءت مسألته نكتة سوداء في وجهه يوم القيامة، ولا يخاف من أحد من البشر، ولا يمنعه أحد من البشر؛ خوفًا من تضييق الرزق عليه؛ لأن الرزق بيد الله، أن يقول كلمة الحق.
كلمة: (الرزاق)، والتعلق بها، تجعل الإنسان إنسانًا، وتجعله عزيزًا بين قومه، حتى لو قَلَّ رزقه.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه، وَمَنْ والاه.
مع اسم من أسماء الله الحسنى، ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
مع اسمه سبحانه: (الرشيد).
فالله سبحانه وتعالى رشيد؛ لأنه يرشدنا إلى كل خير.
ورشيد؛ لأنه يخلق الرشادة فينا.
ورشيد سبحانه وتعالى؛ لأنه يرشدنا إلى كل شر؛ حتى نجتنبه.
ورشيد سبحانه وتعالى؛ لأن من صفاته: أنه الحكيم.
ورشيد سبحانه وتعالى؛ لأن الكون كله يُرْشِدُ إليه، فهو رشيد، راشد، وَمُرْشَدٌ إليه.
سبحانه وتعالى دَلَّ عليه الكون بكله.
وفي كل شيء له آية |
* |
تدل على أنه واحد |
فإذا تأملت -كما يقول العلماء- في العالم السفلي، العالم السفلي هو العالم المحيط بنا، الأرض بِمَا تشتمل عليه من: بحار، وأنهار، وأشجار، وحيوان، ونبات، وإنسان.
العالم السفلي هو الْمُدْرَك بالشهادة هنا -يعني في الأرض، من مظاهر الشمس، والقمر، والنجوم، والسحاب، والرياح، وكذا... إلى آخره- فإن كل ذلك يدل بكله، على أن الله سبحانه وتعالى هنالك، فكل شيء يرشد إليه.
واحد أَلَّفَ كتاب اسمه: «العلم يدعو إلى الإيمان»، ترجموه إلى العربية من زمان، يقول فيه:
بالحساب، بالعلم: لو اقتربت الشمس، أو الأرض من الشمس، يدوبك: 5، 6 كيلو: احترقت، ولو بعدت برضه: 5، 6 كيلو: تجمدت.
ولو نسبة الأكسجين قَلَّتْ في الهواء عن هذه النسبة الموجودة: التهبت رئتنا، ولو زادت... لو زادت: التهبت رئتنا، ولو قَلَّتْ: اختنقنا.
وفضل يتكلم عن كمية المياه، وكمية الهواء، وكمية بُعْد القمر، لو القمر ده قرب أكثر، لصارت البحار كالأنهار، ولو بعد أكثر، لغطت المياه -الجذر والمد- لغطت المياه الأرض.
يقول: هذا يستحيل أن يكون هذا الكون قد خرج صدفة، هذا الكون لا يمكن بهذا الإتقان العجيب في كل شيء -وكلمة: (كل شيء) يعني: كل شيء- على هذا النظام؛ إلا أن هناك إله قد خلقه، وأن هذا الإله حكيم، وأنه قادر، وأنه مريد، وأنه عليم، وأنه سميع، وأنه بصير، الكون يقول هذا.
قال لي أحد الملاحدة: أنه ذهب إلى حوض الأمازون، فوجد آلاف من الأميبا وحيدة الخلية، كل يوم يرصدونها، وَيُحَمِّلُون أشكالها على الكمبيوتر، وإذا ما غربت الشمس انفكت، عُدِمَتْ، ووجدت آلاف أخرى من وحيدة الخلية هذه في الصباح.
قال: فأي حكمة هذه؟! وَمَنْ ربكم هذا الحكيم، الذي يخلق في مستنقعات حوض الأمازون: آلاف المخلوقات، ثم يفنيها، ثم يخلق آلافًا أخرى، ثم يفنيها، ثم يخلق آلافًا أخرى، ثم يفنيها؟
فرأيتني من غير حول مني ولا قوة، أقول: الله، ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: 29]؛ لأنه لا يزال خالقًا، فيريكم آياته في الآفاق، وفي أنفسكم؛ حتى تتبينوا أنه الحق.
يخلق آلاف، آه؛ لأنه أصلها حاجة سهلة عنده: كن، يكون، كن كده، يكون كده: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: 117].
إذن، الملحد مسكين، لا يعرف رأسه من فأسه.
هذا مثال لقراءة الكون، وأنه يرشد إلى الله.
ولذلك عَبَّرَ الله في القرآن، على الذين لا يؤمنون، قال: ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: 44].
ولكن الكون كله، يرشد إلى الله، والله هو الهادي إلى سواء السبيل.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه، وَمَنْ والاه.
مع اسم من أسماء الله الحسنى، ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
نعيش مع اسمه: (الرقيب).
و (الرقيب): على وزن (فعيل)، ووزن (فعيل)، يصلح للدلالة على الفاعل، وعلى المفعول.
فالله سبحانه وتعالى هو الْمُرَاقِب، الذي يراقبك في كل شيء، فيراك في ظاهرك، وفي باطنك، في سرك، وفي علانيتك، أمام نفسك، وأمام الناس.
وهو رقيب عليك سبحانه وتعالى، لا تغيب عنه مثقال حبة من خردل في السماوات، ولا في الأرض، فهو سبحانه بحق: الرقيب، الْمُرَاقِب.
والرقيب؛ إنما يكون من أجل الحساب، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد أمرك بأوامر، ثم يرى فعلك بإزاء هذه الأوامر، في مقابلة هذه الأوامر، فالرقابة تكون بعد وضع ما نراقب بإزائه.
لا بد أن يكون هناك: خطة من الأمر والنهي، هدى، تكليف.
ثم بعد ذلك: نرى فعلك؛ كم طابق هذا؟
فقد أمرك سبحانه وتعالى بـ (افعل)، ولا تفعل.
فقال لك: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: 78].
فهل أقمتها؟
وقال لك: ائتِ الزكاة، فهل أتيتها؟
وقال لك: امتنع عن الشر، عن الحقد والحسد، عن الخنا والفاحشة، عن شرب الخمر، فهل فعلت ذلك؟
وقال لك: اعمل عمل الخير: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].
فهل فعلت ذلك؟
هنا يأتي وجه المقارنة بين عملك، وبين أمر الله سبحانه وتعالى فيك، وهذه هي الرقابة.
فالرقيب معناه: أنه يقارن عملك؛ بِمَا أُمِرْتَ به، فإن وجد خيرًا: جزاك خيرًا، وإن وجد غير ذلك، فالأمر مردود إليه سبحانه وتعالى:
إما أن يعفو عنك، وأن يغفر، وأن يرحم، وسبحانه رحمته قد سبقت غضبه، وعفوه قد سبق مؤاخذته.
وإما أن يؤاخذك به، إذا كنت يعني قد فعلته بشر؛ ولذلك خَوَّفَكَ: ﴿ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [الزمر: 16].
والتقوى: هي العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
يعني إذن، هي أن يجدك الله سبحانه وتعالى حيث ما أمرك.
فمعنى الرقابة تتحقق في المقارنة، ويجب عليك أن لا تجعل هناك فارقًا بين ما أُمِرْت به، وبين عملك، وبين ما أرادك الله أن تقوم فيه، وبين ما أنت فيه.
ولذلك من دعاء الصالحين: «اللهم انقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك».
علمونا كده، ندعي كده.
لأن دائرة السخط فيها: معصية، ولأن دائرة الرضا فيها: رحمة، وفيها: نظر، من نظر الله.
فالله رقيب، بهذا المعنى.
وهو رقيب أيضًا: أي ينبغي عليك أن تراقبه سبحانه وتعالى في السر والعلن، وهذا أقرب طريق لأن تجعل قلبك رقيقًا.
ما هو بنقول: رقيق، تصلح للمفعول، وتصلح للفاعل، فقضينا في هذا الكلام على... تكلمنا عن الفاعل، طب، أين المفعول؟
ما هو سبحانه وتعالى، نحن نراقبه، يبقى هنا اسم المفعول جه أهو.
نراقبه فين؟
في أنفسنا، خايفين منه، هو بيحبنا، وإحنا بنحبه؛ ولكن يجب علينا أن يكون هذا الحب: دافعًا لأن ندخل دائرة الطاعة.
إن كنت حقًّا حِبَّه لأطعته |
* |
إن المحب لِمَنْ يحب مطيع |
يقول لك:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه |
* |
....................................... |
بلسانك يعني، وأنت قاعد تعصيه ليل نهار.
........................................ |
* |
هذا لعمري في القياس بديع |
يعني أنت... إزاي القياس ده، أنت جبتها إزاي؟
لو كنت حقًّا حِبَّهُ لأطعته |
* |
إن المحب لِمَنْ يحب مطيع |
فالرقيب سبحانه وتعالى: رءوف، ويجب عليك أن تأخذ منه ذلك الاسم؛ حتى تنتقل من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه، وَمَنْ والاه.
أيها الإخوة المشاهدون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مع اسم من أسماء الله الحسنى، ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
نعيش هذه اللحظات، مع اسمين دائمًا يذكران سويًّا: (الظاهر الباطن).
وهما من الأسماء التي يمكن أن نطلق عليها: الأسماء المزدوجة، كالأول الآخر، والنافع الضار، وغيرهم.
(الظاهر): فهو أظهر من كل شيء، كل ما في الكون يدعو إلى الإيمان بالله.
وفي كل شيء له آية |
* |
تدل على أنه واحد |
ليس هناك حركة، ولا سكنة في هذا الكون؛ إِلَّا وهي تدل على خالقها، وبارئها، ومبتديها، ومعيدها، سبحانه وتعالى.
(الظاهر) فهو أظهر من الدليل.
وعندما أقام أحد العلماء، ألف دليل على وجود الله، قالت إحدى عجائز نيسابور: وهل هناك ألف شك في وجوده؛ حتى نقيم على كل شك دليلًا؟
فقال ذلك العالم: اللهم ارزقني إيمانًا كإيمان عجائز نيسابور.
هذه المرأة بفطرتها، رأت في هذا الكون: دليل ظاهر، وعلمت أن الله سبحانه وتعالى، أظهر من هذا الكون في قلبها.
يعني يمكن أن نشككها في المحسوس، ولا يمكن أن نشككها في الله رب العالمين.
هذا معنى أنه: أظهر من هذا الكون، أن وجوده أصبح مغروسًا في الفطر السليمة، والعقول المستقيمة؛ بحيث إنه لا يحتاج إلى دليل، ولا يحتاج إلى برهان.
بل طبيعة الحياة: من أين جئنا؟ وطبيعة الحياة: إلى أين سنذهب؟
تدل دلالة واضحة من غير إعمال فكر، بل أمر قد غرس في القلوب، وفي الفطر السليمة، تدل عليه سبحانه وتعالى، وتشير إلى أنه هو الوجود الحق.
وهذا الوجود كله؛ إنما هو وجود فان، وليس ظاهرًا كظهور وجود الله سبحانه وتعالى.
يقول الملحد للمؤمن: أقم الدليل على وجود الله.
فيقول المؤمن للملحد: أقم الدليل على عدم وجوده.
الله موجود؛ لأنه موجود، ولأنه خلق هذا الكون.
مع بساطة هذه الكلمات؛ إِلَّا أنها تشتمل فيما وراءها، على شيء كثير من الفلسفة، والحكمة العميقة.
ما الدليل على عدم وجود الله، والكون كله يصرخ بوجوده؟!
من أين نحن؟
كلمة بسيطة؛ ولكن هذا السؤال، مع عدم الإيمان بالله، يحتاج إلى مجهود كبير.
وهو سبحانه وتعالى: (الباطن)، وهو معناه: أنه أيضًا موجود في داخل الإنسان، هذا الإنسان خُلِقَ للجنة، وليس للنار، خلق وفيه من داخله نور، خلق وفطرته سليمة، خلق في أحسن تقويم؛ لأن الله سبحانه وتعالى موجود في قلبه، وفي إيمانه، وفي روحه، وفي عقله.
فهو الظاهر، وهو الباطن، وهو على كل شيء قدير.
و (الظاهر والباطن) من الأسماء التي نذكرها سويًّا: يا ظاهر يا باطن؛ لأنها معًا تعطي الحقيقة الكبرى، للوجود الحق، الوجود الذي لا يحتاج إلى برهان، وإلى إعمال فكر، الوجود الذي هو مغروس في الفطر السليمة، وفي القلوب النقية، الوجود الذي نحتاجه في كل لحظة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه، وَمَنْ والاه.
مع اسم من أسماء الله الحسنى، ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
قد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهي من الأسماء المزدوجة المتقابلة، التي بتمامها تدل على كمال الله سبحانه وتعالى، وَتُذِّكر الإنسان في نفس الوقت، إلى أنه لا ملجأ، ولا منجا من الله إلا إليه.
(الضار النافع)، والأليق أن تذكرهما معًا، وتذكر أن الله هو الضار النافع، معًا، لماذا؟
لأنك إذا ما اعتقدت أن رب العالمين هو الذي يقدر الضرر، فلا تلقي بمسئولية الضرر على أحد، فيعلمك ذلك العفو والصفح، فلو تسلط عليك أحد، فآذاك، فاعلم أن هذا من عند الله، وأنه هو الذي سلطه عليك؛ لإيذائك، فماذا عنك؟
لا بد من الصبر، لا بد من الحكمة، لا بد من العفو والصفح.
ونرى أن الله قد سلط ذلك العبد بذلك الفعل على هذا الإنسان فضره؛ لكن الضار الذي خلق هذا، هو وحده سبحانه وتعالى.
والله حكيم، ونحن نحبه، وهو يحبنا؛ ومن أجل ذلك نرضى، ولا نأسى على شيء فاتنا: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ [الحديد: 23].
فإذن، كلمة: (الضار) لما أعتقد فيها، هتعلمني الصبر، هتعلمني أَلَّا أنسب شيئًا لغيره، شخص آذاني، أقول: أيوه، ده مؤذي، ولازم أنتقم منه، ولا بد إن أنا آخذ حقي.
فلا في عفو، ولا في صفح، ولا في صبر، ولا في حكمة، ولا في حقيقة.
فبيعلمنا، وبيقول لنا: أبدًا، أنا الضار، وأنا النافع، ولا يكون في هذا الكون شيء إلا ما أراده، وقضى به، سبحانه وتعالى.
«واعلم أن الناس لو اجتمعت على أن يضروك بشيء، لا يضروك بشيء إلا ما كتبه الله عليك، ولو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لا ينفعوك بشيء إلا ما قدره الله لك، جفت الأقلام، وطويت الصحف».
(الضار النافع) سبحانه وتعالى.
هذا لا يجرنا إلى إنكار الأسباب؛ إنما هذه عقيدة في القلب، تجعلنا نفعل الخير.
هذا لا يجرنا إلى الرضا بالضرر، وأن فلانًا قد أَضَرَّ فلانًا، أو قتله، فإن الله الذي قتله، ونترك هذا القاتل؟
لأ، هذا القاتل يجب أن يعاقب، ويضرب على يده، ويؤخذ بجريرته.
إنما العقيدة في القلب، لا تجعلك متهورًا إلى الحد الذي تنسب فيه هذا الفعل إليه، بذاته، من غير قدر الْمُقَدِّر سبحانه وتعالى، فتختل تصرفاتك، وأفعالك، وتخرج من حد الرضا، والتسليم، والصبر، والأناة، والحكمة، ورؤية ما في الكون، وما وراء هذا، تخرج بذلك إلى حد التصرف الشرس، العنيف الذي نراه في كثير من الأمم، الذين لم يعرفوا أن الله هو الضار، وهو النافع، وظنوا أنفسهم أنهم هم الضار النافع، فوصفوا أنفسهم بِمَا وصف الله به نفسه.
نحن نحذرهم؛ من أجل أن نحجز هؤلاء الناس عن النار، وعن يوم آخر نعود فيه إلى ربنا سبحانه وتعالى، نقف بين يديه؛ للحساب، للثواب والعقاب.
نحذر أولئك الذين يتخذون القرارات، ويحركون الجيوش، ويقتلون الأطفال، والنساء، وينتهكون في كل مكان: كرامة الإنسان، نحذرهم أنهم ينزلون أنفسهم منزلة المجاهر لله بالمعصية، ويعتبرون أنفسهم: الضار النافع، والضار النافع هو الله.
والعالم الإسلامي جاءه: التتار، وجاءه: الصليبيون، وجاءه بعد ذلك: الاستعمار، وجاءه بعد ذلك... وقبل ذلك: الفرس والروم، فكان المسلمون في عقل ووضوح، أن الضار النافع هو الله، فلا إله إلا الله.
وأن الله إذا سلط العباد علينا، وندعو الله أن يرفع أيدي الأمم عنا؛ حتى ننمي أنفسنا، ونعيش في سلام، كما كنا نعيش في سلام، ونجعل الناس تعيش في سلام.
كل التاريخ الإسلامي، آوينا فيه الناس؛ لأننا نؤمن في: (الضار النافع)، وهدأنا بالهم، وعاشوا في أوساطنا، وإلى يومنا هذا، من طنجة إلى جاكرتا، ومن غانا إلى فرغانا، فما الذي حدث؟
حدث أننا نعلم: الضار النافع، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلموا: الضار النافع.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أيها الإخوة المشاهدون؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مع اسم من أسماء الله الحسنى ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180] نعيش هذه اللحظات مع اسمه (الصمد).
وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) ﴾ [الإخلاص: 1- 4]، وكثير من الناس وإن حفظ هذه الآية؛ لأنها هي أُسُّ التوحيد الذي بني عليه الإسلام، ولأنها من السور القصار التي يسهل حفظها منذ الطفولة، ولأنها شعار الإسلام؛ ولذلك سميت بالإخلاص، أي: إخلاص العبادة والتوحيد لرب العالمين. فإنهم لا يعرفون معنى دقيقًا لكلمة الصمد، لكنهم يستشعرون أنه يدل على العظمة، وهو صحيح، فهذا يدل على العظمة، لكنْ كلمة الصمد معناها: المُتَوَجَّهُ إليه. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلـم كان يصلي عند الاسطوانة ونهى أن يصمد الإنسان إليها، يعني: أن يتوجه الإنسان إلى اسطوانة المسجد وكأنه يسجد إليها، فكان يجعلها عن يمينه أو عن يساره.
فالصمد معناه: ذلك الذي نلجأ إليه، ندعوه، نطلب منه لا من سواه؛ لأنه عظيم الشأن، قدير على كل شيء، رحيم بنا، يستجيب دعاءنا، رءوف بنا، يرحم ضعفنا.
الصمد معناها: أن الله سبحانه وتعالى يتوجه إليه كل العباد، كل الناس يسألون الله سبحانه وتعالى، ويسألونه بما يريدون، وفي الحديث: «لو وقف بنو آدم صفًا فدعوا ربهم فاستجاب لكلٍّ منهم بما سأل ما نقص ذلك من ملكه إلا كما ينقص البحر إذا ما خرج منه الْمَخِيطُ»، وضعنا إبرة في البحر وخرجت فابتلت، فكم نقص البحر! لو أن الله استجاب لمن في الأرض جميعًا ما أرادوا من أشياء فإن ذلك لا ينقص من ملك الله شيئًا.
الصمد معناها: الْمُتَوَجَّهُ إليها، والسبب أننا قد توجهنا إليه؛ أنه بيده الملك، وأنه سبحانه وتعالى ليس ضعيفًا بل هو قوي، وليس عاجزًا بل هو قدير، وليس قاسيًا بل هو رحيم، لا نعرف مِنْ ربنا سوى أنه: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: 18]؛ من أجل ذلك كان صمدًا، يتوجه إليه المؤمن والكافر، ويطلب منه البَر والفاجر.
الصمد، قالوا: إن من معناها؛ أنه ليس بأجوف. وذلك أن الأجوف قابل للكسر، لكن ربنا سبحانه وتعالى ليس كالأصنام التي يعبدونها يمكن أن تُكسر، فإن الله هو الأول والآخر، والله هو الباقي، والله كان ولم يكن شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان، وكل هذه الأكوان بأمره وبقدرته، وتستمر بأمره وبقدرته، فهو الصمد، فهو مخالفٌ لكل ما عبده بنو البشر ظلمًا وعدوانًا وجهلًا وكفرًا وشركًا به سبحانه وتعالى، وهو الذي يستحق العبادة وحده، فهو الصمد.
فالصمد معناها: أنه هو الذي نتوجه إليه بالدعاء ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد﴾ [الإخلاص: 1]، الله القدير القوي الذي نلجأ إليه ونستعيذ به ونحتمي بحماه ونقول له: يا رب؛ ليس لنا إلا إياك ولا نعرف ربنًا سواك نعوذ بك ونلوذ، مَنْ سواك ينقذنا إذا ما قد ادلهمت الأمور بنا! هذا هو الصمد المتوجه إليه دون سواه....
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
مع اسم من أسماء الله تعالى التي وردت في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
مع اسمه (الصانع). والله سبحانه وتعالى هو الصانع.
والصنعة تعني أمرين؛ الأمر الأول: إنه قد أوجد شيئًا لم يكن موجودًا. والأمر الثاني: أن ذلك الشيء خرج على جهة الإتقان. فالله سبحانه وتعالى خالق ولا يزال يخلق ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: 29].
والله سبحانه بديع، متقن، فهو صانعٌ بهذا الحد، ووردت كلمة صانع في كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف فيها ربه.
والصانع من الألفاظ التي قد تطلق على البشر؛ لأن هناك أسماء لله تطلق على البشر أيضًا؛ المؤمن، العظيم. ﴿كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: 63]. هناك أسماء تطلق على الله لكنه يختص بجلالها وجمالها وبهائها وكمالها، وتطلق أيضًا على البشر؛ لأنها فيها معنى يقوم بالبشر.
ومما مَنَّ الله به علينا أن علمنا الصنعة، يعنى عَلَّم الإنسان كيف يُحوِّل الأشجار إلى أثاث، وكيف يحوِّل الخام الحديد إلى فولاذ وصلب، وكيف يحول هذا الصلب إلى السيارات، وإلى طيارات، وإلى سفن، فينتفع به الناس.
المحول من هذه الصورة إلى تلك إلى هذه هو الإنسان الصانع. ولمَّا وجدنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أطلق هذا الاسم على ربه بإذنه سبحانه ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3، 4]. عرفنا أن الصنعة من مِنَّةِ الله سبحانه وتعالى علينا، وشكر النعمة يأتي بإقامتها فينا؛ ولأجل ذلك كانت الصناعة والتصنيع من منن الله سبحانه وتعالى التي يجب علينا شكرها بفعلها، فلابد أن نكون من أهل الصناعة.
وورد عن النبي صلى الله عليه وسلـم أنه تمنى لو أن المسلمين اكتفوا بالصناعة عن أن يأخذوا حاجاتهم من غيرهم، فأمسك مرة بسيف -والسيف كان يُصنع في الهند، فيسمى المهند، أي أنه مصنوع في بلاد الهند- أخذه بيده الشريفة، ونظر إليه، وقال: «وددت لو يُصنع هذا هنا» صلى الله عليه وسلـم، وكأنه يشير إلى أمر في غاية الأهمية والخطورة، وهو تصنيع السلاح، وهو الذي قال فيه ربنا سبحانه وتعالى يُعلِّم المسلمين قوة الردع: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ [الأنفال: 60].
قوة الردع أن تمتلك سلاحًا حتى لو لم تستخدمه، نحن خطتنا التعمير لا التدمير، والسلاح الذي نحصل عليه يكون من أجل الحفاظ على التعمير، ولا يكون من أجل التدمير، وهذا أمر متفق عليه بين عقلاء البشر.
ولما ترجموا كلمة تعني الفساد في الأرض (Terrorism)، (Terrorism) هذه ترجموها إلى العربية (الإرهاب)، خطأ هذه الكلمة لا تساوي تلك، أما هذه الكلمة التي في لغات الإنجليز فتعني بالعربية (الإرجاف) والإرجاف له حكم في كتاب ربنا سبحانه وتعالى ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ [الأحزاب: 60، 61].
تستقيم الأمور باستقامة اللغة، ويُلبس الحق بالباطل، ﴿لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 71]. باللغة، فاللغة مِنَّة من عند الله بها تنتقل الأفكار، وبها يستقيم الفكر، فاللغة والفكر وجهان لعملة واحدة.
الصانع اسم من أسماء الله تعالى، إذا ما تكلمنا فيه، فللكلام شجون. انظروا إلى تسمية ربكم باسم ما به قوتكم.