بسم الله الرحمن الرحيم
قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه وعلومكم في الدارين آمين:
فأشرف هذه الصناعات الأربع بعد النبوة إفادة العلم وتهذيب نفوس الناس عن الأخلاق المذمومة المهلكة وإرشادهم إلى الأخلاق المحمودة المسعدة وهو المراد بالتعليم
يقصد بالصناعات الأربعة الزراعة التي يأكل منها الإنسان، ثم بعد ذلك الحِياكة التي يَلبس منها الإنسان، ثم بعد ذلك البناء الذي يسكن فيه الإنسان، ثم بعد ذلك السياسة التي تنتظم كل ذلك، ولكن لا ندخل ولا نستطيع أن ندخل في هذه الصناعات وهذا العمل إلا بالعلم، فلابد علينا إذن من علم الزراعة ومن علم الحياكة ومن علم البناء وما يشتمل عليه من قواعد هندسية، ومن علم السياسة وكيف نرعى وننظم وننسق كل ذلك، وهذا للمعيشة.
وعندما كتب الكاتبون في أحوال الشعوب البدائية قالوا إنها تبدأ بفقدان السكن، فالشعوب التي لا تسكن تكون أحطّ الشعوب، فلابد من السكن، والسكن هو الذي بموجبه تنشأ الأسرة، فإذا لم يكن هناك سكن فليس هناك أسرة، وإذا كان هناك سكن بدأت الأسرة، والأسرة تبدأ بين رجل وامرأة، ولذلك فالرجل والمرأة يتكاملان وبهما قوام العالم، وعليهما مدار الاجتماع البشري، فإذا التقى الرجل مع المرأة كَوَّنا أسرة، ونشأ من هذا أطفال، فتصبح هناك أم وأب وإبن أو إبنة أو مجموعة ثم ينتشر البشر، كما حدث في بداية الخليقة بين آدم وزوجه عليهما السلام.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومَن والاه.
مع كتاب إحياء علوم الدين لإمام الأئمة وبدر التتمة حجة الإسلام أبي حامد الغزالي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وجعل الجنة مثوانا ومثواه، ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين.
قال رحمه الله تعالى: وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها بقعةٌ قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها بقعةٌ أمسكت الماء فنفع الله عز وجل بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وكانت منها طائفةٌ قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ؛ فالأول ذكره مثلًا للمنتفع بعلمه، والثاني ذكره مثلًا للنافع، والثالث للمحروم منهما».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومَن والاه.
مع إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وجعل الجنة مثواه، نعيش مع الربع الأول ربع العبادات، والذي بدأه بالعلم، بكتاب العلم، بدأ الإمام بالعلم لأنه مفتاح لما بعده، وشرف العلم فوق كل شرف والعلم له أركان، وأركان العلم أولها: الأستاذ فلا بد من أستاذ فإذا لم يتعلم هذا الإنسان من أستاذ فقد حصل بعض المعلومات، وثانيها: الكتاب فلا بد من قراءة كتاب في ذلك العلم؛ ولذلك اهتم المسلمون بتأليف الكتب، وبتدوينها، وتصنيفها، وأشاعوها، وجعلوا الكتاب يدخل بسببه الجنة عشرة كاتبه، ومؤلفه، وبائعه، وشاريه، وحامله، وهكذا.
وتفننوا في الكتب لأن الكتاب ركن من أركان العلم، وثالث ذلك هو المنهج ويشتمل على علوم مساعدة لكل علم تريد أن تتخصص فيه، فإذا أردت أن تتخصص في علم الفقه فلا بد عليك أن تقرأ في النحو والصرف. وكان مشايخنا يقولون: إذا أردت أن تتبحر في الفقه فعليك بقراءة التاريخ، وإذا أردت أن تتبحر في التاريخ فعليك بقراءة الفقه، فالمؤرخ لا بد عليه أن يقرأ الفقه، والفقيه لا بد عليه أن يقرأ التاريخ، وأن يجعل كل هذه العلوم يخدم بعضها بعضًا.
ومن أركان العلم: الطالب ويشترط فيه التفرغ، لا يشترط في الطالب إلا التفرغ، والذكاء، والفطنة، والحرص؛ ولذلك نرى الشافعي يقول:
أخي لن تنال العلم إلَّا بستة | * | سأنبيك عن تأويلها ببيان |
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة | * | وإرشاد أستاذ وطول زمان |
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومَن والاه.
كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُ الأمة المحمدية المصطفوية الإسلامية بأن الله سبحانه وتعالى يبعث على رأس كل مئة عام من يجدد لها أمر دينها. وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود في سننه، وتلقاه الناس بالقبول، وهذا الحديث يُبين أن الإسلام أرسله الله الكلمة الأخيرة للعالمين، أرسله الله لكل زمان ولكل مكان، ولكل الناس، فهو نسق مفتوح لم يُرسل إلى العرب فقط، بل أُرسل إلى كل العالم، الستة مليار مُطالبون بالإسلام، ويجب علينا أن نعرض عليهم الإسلام عرضًا حسنًا، ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]، ولكن كلمة الله سبحانه وتعالى ينبغي أن تكون على ما تركها لنا رسول الله >، ومن هنا جاء مفهوم التجديد أننا نريد أن نجدد عَرْض الإسلام وليس الأحكام ولا العقائد وإنما عرض الإسلام بلغة تتناسب مع الناس يَفْهَمُهَا الخَلْق، لأننا ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة: 256]، ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ [المائدة: 99]، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: 80]، ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: 22]، وهكذا في آيات متكاثرة تبين أنه ما على الرسول إلا البلاغ، بلغ، ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 56]، وظل العلماء عبر القرون يقدمون الإسلام بلغة عصره، بما يتوافق مع عقول الناس، ودخل الناس في دين الله أفواجًا عبر العصور.
14- مما يدلك على وجود قهره سبحانه، أن حجبك عنه بما ليس بموجب معه، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي أظهر كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي ظهر بكل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي ظهر في كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي ظهر لكل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الظاهر قبل كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو أظهر من كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و لولاه ما كان وجود كل شي.. يا عجبا كيف يظهر الوجود في العدم، أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف في القدم.
15- ما ترك من الجهل شيء، من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره الله فيه.
16- إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رعونات النفس.
17- لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها، فلو أراد لاستعملك بغير إخراج.
18- ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها، إلا و نادته هواتف الحقيقة الذي تطلب أمامك، و لا تبرجت ظواهر المكونات إلا و نادتك حقائقها إنما نحن فتنة فلا تكفر.
10- ادفن وجودك في أرض الخمول، فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه.
11- ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة.
12- كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة في مرآته، أم كيف يرحل إلى الله و هو مكبل بشهواته، أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله و لم يتطهر من جنابة غفلاته، أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار و هو لم يتب من هفواته.
13- الكون كله ظلمة، و إنما أناره وجود الحق فيه، فمن رأى الكون و لم يشهده فيه، أو عنده، أو قبله أو بعده، فقد أعوزه وجود الأنوار، و حجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار .
6- لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو ضمن لك الإجابة، فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك، و في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد.
7- لا يشككنك في الوعد عدم وقوع الموعود، و إن تعين زمنه، لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك و إخمادا لنور سريرتك.
8- إذا فتح لك وجها من التعرف فلا تبال معها إن قل عملك، فإنه ما فتحها عليك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك، و الأعمال أنت تهديها إليه، و أين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك.
9- تنوعت أجناس الأعمال لتنوع واردات الأحوال، و الأعمال صور قائمة، و أرواحها وجود الإخلاص فيها.
2- إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية، و إرادتك الأسباب مع إقامة الله في التجريد انحطاط عن الهمة العليــة.
3- سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار.
4- أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك لا تقم به لنفسك.
5- اجتهادك فيما ضمن لك و تقصيرك فيما طلب منك، دليل على انطماس البصيرة منك.
6- لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو ضمن لك الإجابة، فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك، و في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد.