طباعة

عن الكتب التي تباع علي الأرصفة وتتعلق بالدين, وكذلك أشرطة الكاسيت التي تنتشر عن بعض المشايخ غير المتخصصين, وكتب الشعوذة والدجل والسحر التي انتشرت في الأسواق, وتحمل الكثير من الأشياء الغريبة

هذه مشكلة ثقافية, لأن الناس يظنون أننا ننهاهم عن هذه الكتب سيئة السمعة, وعن هذه الأشرطة سيئة السمعة يقولون: لماذا لا تنهون عن المفاسد وعن الخمر وعن الزنا ؟ والحقيقة أننا- ليل نهار- نقول: إن الزني حرام, الخمر حرام والفساد حرام. ولكن هذا لا يبيح أحد من الناس أن يفسد الدين بمثل هذه الطريقة.. وكثيرا تأتيني بعض تشنجات من صبية يقولون: أنت الآن تتكلم عن الكتب الدينية وتنقدها, وتترك الفساد.. نحن نريدك دائما عندما تأتي لنا ونسمعك تقول: الخمر حرام.. الزني حرام.. نعم الخمر حرام باتفاق المسلمين, والزنا حرام باتفاق أهل الملل كلهم.

ولكن هل هذا يبيح أن نخلط في الدين هذا الخلط المقيت.. كيف ندرك الصحيح من القبيح؟ لابد أن يكون متخصصا.. فإذا رأينا أستاذا في جامعة الأزهر نأخذ كلامه.. وأساتذة الأزهر ليسوا علي مشرب واحد بل مشارب مختلفة, وليسوا علي مذهب واحد بل مذاهب مختلفة.. لكن كلها تحت سقف الحق, واختلافهم اختلاف تنوع وليس تضاد.. وكلامهم لا يؤدي غلي المصائب والكوارث التي تراها.. وظل هذا الاختلاف موجودا عبر القرون, فما زاد الناس إلا قوة وتمسكا بالدين وطيبة وأخلاقا. لأنه راعي اختلافات الناس, وعذر كل واحد منهم أخاه فيما اختلفا فيه, ووضع يده في يده فيما اتفقا عليه, وسارا معا.. فالمشايخ في الأزهر قد يختلفون في بعض الأمور, وهم يأكلون ويعيشون جميعا.. إلخ. فهؤلاء هم العلماء الذين تعلمنا عليهم.. فهناك حب وود.. ولكن كله تحت التخصص ولا يصح أن أذهب إلي " الكفتجي" وأسمعه, وأتأثر به, وأبني حياتي عليه وتصرفاتي عليه, وتصل هذه التصرفات إلي خراب البيوت والطلاق بل وإلي أخص خصائصه, فكيف يتم هذا؟ ومن هذا المجنون الذي يطبع هذا الهراء؟ كيف يخاطر برأس ماله؟ وحاولت أن أعرف فوجدت أنهم هم الذين يطبعون, وليست الشركات, كل ما في الأمر أن صاحب الكتاب أو الشريط يذهب فيؤجر عدد ساعات في الاستديو أو في مطبعة أو شركة.. ويبدأ النسخ أو الطبع.. من الذي يموله ؟ إذن هنا علامة استفهام وراء من الذي يمول هذا؟ وكيف تأتي هذه الأموال؟ ومن أين؟ كيف تنثال هذه الأموال التي مولت هذا الهراء وهذا الصراخ وهذا الخلط في دين الله؟{لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[1].

أما كتب الدجل والشعوذة والخرافات, التي يكتب عليها اسم حضرة وسعادة الشيخ فلان, فقد بحثت كثيرا عن أصول هذا.. والحقيقة أننا في الأزهر لم يعلمونا السحر ولا مقاومة السحر فبحثت من أين مصادر هذه الكتب, وبحثت كثيرا عن مصادر هذه الكتب.

بعضها يأتي بنصوص من القرآن يفسرها أو من الأحاديث وهذا أطيب شئ في هذه الكتب, بغض النظر عن اتفاقنا معه أو صحة هذا التفسير وصحة هذا الاستدلال, أما الباقي فيأتي بأمور ما أنزل الله بها من سلطان, ولم نسمعها, ولم نعرفها, فهي مجموعة من الانطباعات أظنها أنها حادثة في هذا العصر, وأنه لم ينقلها من كتاب سابق, ولا حتى من كتاب الشعوذة, وهي لا توجد في تراثنا حتى في السحر فتراثنا في السحر لا يوجد فيه مثل هذا الكلام المبتكر.. وأظنه أنه لا يستحق أن نقول مبتكر.. بل هو مبتدع, لأنه منكر من القول وزور, ونحن نؤكد أن هذا التلبيس خطير في الدين, ونؤكد أيضا علي أننا لا نشغل أنفسنا بالرد علي هذه الطائفة تزيت بزي الدين وعلم الدين منشغلين بذلك عن نصح الدين في دينهم. نحن ننصح الناس في دينهم دائما.

 

[1]  من الآية 71 من سورة آل عمران.

عدد الزيارات 6801 مرة
قيم الموضوع
(0 أصوات)