طباعة

مدينة رسول الله [1-5]

مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي المدينة المنورة والتي نورها المصطفى صلى الله عليه وسلم بهجرته الشريفة إليها، وهي طيبة، وطابة، ويثرب، والدار، فهي تلك البقعة المباركة التي تقع في الشمال الغربي للمملكة العربية السعودية الآن، شرقي البحر الأحمر، الذي يبعد عنها حوالي 250 كيلو مترا، وتمتد بين خطي طول (30َ- 36ْ و 15َ- 42ْ شرقاً)، ودائرتي عرض (30َ -22ْ و 30َ 27-ْ شمالاً)، وتبلغ مساحتها نحو 153.8 ألف كم2 وهو ما يعادل 6.72% من إجمالي مساحة المملكة، وهي محاطة من الغرب بجبل الحجاج وجبل سلع من الشمال الغربي، وجبل العير من الجنوب، وجبل أحد من الشمال، وتقوم المدينة المنورة على هضبة جبلية مسطحة عند تقاطع ثلاثة أودية هي : وادي العقل، ووادي العقيق، ووادي الحمض، مما نجم عنه وجـود مساحات كبيرة خضراء، وسط منطقة جبلية جافة في مظهر جغرافي بديع.

وبإلقاء نظرة تاريخية سريعة عن تاريخ المدينة المنورة قبل الإسلام، تذكر لمصادر التاريخية أن (يثرب) اسم لرجل من أحفاد نوح عليه السلام، وأن هذا الرجل أسس هذه البلدة فسميت باسمه.

وقد اختلفت المصادر التاريخية في تحديد عدد الأجيال التي تفصل (يثرب) عن جده (نوح) عليه السلام، وفي بعض أسماء سلسلة الآباء والأبناء، فبعضها يجعل (يثرب) في الجيل الثامن بعد نوح، فهو (يثرب بن قاينة بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح). وبعضها الآخر يجعله في الجيل الخامس (يثرب بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح)، ولهذا الخلاف أثر تاريخي في تقرير أية قبيلة سكنت يثرب أول الأمر، هل هي قبيلة عبيل، أم قبيلة العماليق، والأرجح أن قبيلة عبيل هي الأسبق، ثم جاء العماليق فأخرجوهم منها وسكنوها.

وقد وجدت وثائق في الحضارات الأخرى تذكر أن وجود اسم المدينة يرجع الألف الأولى قبل الميلاد، حيث اتخذت كمحطة تجارية على طريق التجارة القديم بين الشمال والجنوب، وقد أوردها بطليموس في جغرافيته باسم لاثريب Lathrippe وعرفت في اللغة الآرمية باسم ميدنتا Medinta وهي تعني المدينة، وظهر اسمها في نقش على عمود حجري بمدينة حران (اتربو)، (ITRIBO).

وقد ورد اسم يثرب في الكتابات عند مملكة (معين) وذكرت بين المدن التي سكنتها جاليات معينية. ومن المعروف أن المملكة المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين 1300 و600 قبل الميلاد. وامتد نفوذها في فترة ازدهارها إلى الحجاز وفلسطين. وعندما ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال. وكان هذا الطريق يمر بيثرب، فتعد المدينة من أقدم المدن التي عرفت في منطقة شبه الجزيرة العربية.

ثم سيطر الكلدانيون على المدينة منذ سنة 589 ق.م، حتى 539 ق.م وبعدها سقط ملك الكلدانيين على يد قورش الفارسي، وكان قد هاجر كثير من اليهود هروبًا من بختنصر البابلي الذي دمر أورشليم (القدس العربية) وظل بعض أشتات اليهود الهاربة تأتي إلى يثرب حتى حتى 70 ق.م بسبب اجتياح الإمبراطور الروماني تيتوس أورشليم وتدميرها مرة ثانية، وكانت آخر مشاهد هروبهم إلى يثرب عندما أرسل الإمبراطور الروماني هارديان جيشًا إلى فلسطين لإخراج اليهود منها ومنعهم من دخولها نهائيا، فتجمعت تلك الأشتات وعاشت جنبًا إلى جنب مع أهلها العرب الأصليين، والذين كانوا بقايا قبائل العماليق مع قبائل توافدت من شتى بقاع الجزيرة العربية.

وقد سيطر اليهود على الأمر في يثرب حتى وصول قبيلتي الأوس والخزرج إلى يثرب، وبعد أن وصل القبيلتان في أول الأمر طلبوا من اليهود أن يسمحوا لهم بالبقاء في يثرب، فوافق اليهود لأنهم كانوا في حاجة إلى الأيدي العاملة، وتزايد أعداد الأوس والخزرج، وأقامت معهم اليهود العهود ثم نقضتها، وقد خشي اليهود من تزايد قوة الأوس والخزرج فسعت إلى إحداث الفتنة بينهم وإشعال المعارك فيما بينهما وبدأت بالفعل تلك المعركة بداية بحرب سمير ووصولاً إلى حرب بعاث قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات.

كانت تلك لمحة تاريخية عن المدينة المنورة قبل مجيء المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي لمحة مهمة، لنعلم ماذا أحدثت الهجرة النبوية في المدينة، وما ترتب على ذلك من آثار وأحكام شرعية. (يتبع)

عدد الزيارات 9953 مرة آخر تعديل على الأربعاء, 26 أغسطس 2015 15:18
قيم الموضوع
(10 أصوات)