ونستمر اليوم في الحلقة الرابعة من وصف سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بواقع ما ورد إلينا من أدلة من سنته الشريفة, ونأمل من ذلك تقريب صورته الشريفة إلى الجيل الحالي من المسلمين الذين لم يفوزوا بشرف رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم, ونستكمل اليوم بقية تفاصيل جسده الشريف كما يلي:
22- مفاصله صلى الله عليه وآله وسلم:
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عظيم المفاصل وبارزة وواضحة ليست مغطاة باللحم من السمنة, وكان حجم مفاصله متناسبا مع باقي أعضائه في تناغم وتناسق رائع, وثبت ذلك الوصف في سنته الشريفة فقد روي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضخم الكراديس (رءوس مفاصل العظام) (أخرجه الترمذي في سننه وفي الشمائل والإمام أحمد في مسنده), كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جليل المشاش (المفاصل مثل المرفقين والمنكبين والركبتين) (رواه الترمذي في سننه وفي الشمائل).
23- كفه صلى الله عليه وآله وسلم:
كان حجم كفه صلى الله عليه وآله وسلم متناسبا مع حجم قدميه, ومتناسقا مع طول ذراعه, وباقي أعضائه, وكان صلى الله عليه وسلم عظيم الكفين, ولين الكفين, فلم يكن هناك أبسط ولا ألين ولا أنعم من كفيه صلى الله عليه وآله وسلم, وكانت رائحتهما المسك دائما, وحرارتهما بردا مريحا, وهذا ما وصفه به أصحابه رضي الله عنهم, فقد روي عن أنس رضي الله عنه قال: ما مسست قط خزا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (البخاري ومسلم), وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبطحاء, وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم, فأخذت يده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك (أخرجه البخاري في صحيحه).
24- أصابعه وراحته صلى الله عليه وآله وسلم:
كانت راحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واسعة, وكانت أصابعه كأنها قضبان الفضة, في تناسقها مع حجم الكف وباقي الأعضاء, وفي سهولتها واستوائها, وثبت ذلك فروي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحب الراحة, سائل الأطراف كأن أصابعه قضبان فضة (رواه البيهقي في دلائل النبوة).
25- ما بين منكبيه صلى الله عليه وآله وسلم:
كانت المسافة بين منكبيه صلى الله عليه وآله وسلم بعيدة, وهو ما يعطي عرضا في أعلى الظهر, وفي الصدر, وثبت ذلك الوصف كذلك في السنة, فروي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مربوعا بعيدا ما بين المنكبين (أي عريضا أعلى الظهر) (البخاري ومسلم).
26- أذناه صلى الله عليه وآله وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تام الأذنين, أي أن استدارتهما مكتملة, وليست جدعاء, وكانت متناغمة مع حجم رأسه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم وتقاسيم وجهه المبارك صلى الله عليه وآله وسلم, وثبت ذلك في السنة, فروي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تام الأذنين (رواه ابن سعد في الطبقات).
27- شعره صلى الله عليه وآله وسلم:
كان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شديد السواد, وناعما ولكن ليس النعومة المذمومة التي لا يستقر الشعر بها, ولكنها نعومة متماسكة, وكان طويل الشعر, فكان يصل شعره صلى الله عليه وآله وسلم إلى منكبيه, وكل ذلك ثبت في السنة الشريفة, فروي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم يضرب شعره إلى منكبيه (البخاري ومسلم), كان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس بالجعد القطط ولا السبط (أي ليس فيه التواء وانقباض, ولا بالمسترسل) (البخاري ومسلم), وقد حلق صلى الله عليه وآله وسلم جميع رأسه في حجة الوداع.
28- لحيته صلى الله عليه وآله وسلم:
كان صلى الله عليه وآله وسلم عظيم اللحية, كثير شعرها, وكانت لحيته سوداء, ولم يكن بها شيب إلا في سبع عشرة شعرة عدها أصحابه رضي الله عنهم, وثبت ذلك في سنته صلى الله عليه وآله وسلم فروي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثير شعر اللحية (أخرجه مسلم في صحيحه), وكان أبو هريرة رضي الله عنه يصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: كانأسود اللحية حسن الثغر (رواه البيهقي في دلائل النبوة).
29- شاربه صلى الله عليه وآله وسلم:
كان هديه صلى الله عليه وآله وسلم قص الشارب, وليس حلقه بالكلية, وإنما كان يخفف شاربه حتى كان يرى بياض ما أسفل الشعر في شاربه, وكان يأمر بذلك, ويجعله صلى الله عليه وآله وسلم تمييزا للمسلمين عن غيرهم, فعن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يقص شاربه ويذكر أن إبراهيم عليه السلام كان يقص شاربه (أخرجه الترمذي في سننه والإمام أحمد في مسنده).
30- عنفقته صلى الله عليه وآله وسلم:
والعنفقة: هي الشعر القليل الذي في الشفة السفلى, وقيل: الشعر الذي بينها وبين الذقن, وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميل العنفقة, وشابت تلك العنفقة كما ثبت في السنة الشريفة, فعن أبي جحيفة السوائي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ورأيت بياضا من تحت شفته السفلى العنفقة (أخرجه البخاري في صحيحه).