السؤال: سمعت منذ فترة بـأن الكحول نجس. فهل هذا صحيح؟ فإن كان صحيحا فما حكم استعمال الروائح والعطور الموجودة في الأسواق وحكم الشرع فيمن يتاجر فيها. علمًا بأن هناك أنواع يدخل في صناعتها الكحول؟ وهل يجوز استعمال مكسبات الطعام التي تحتوي على مادة الكحول كالفانيليا في الطهي؟ .
الجواب: أولا : مادة الكحول على أصناف كثيرة جدا والمادة الكحولية تصل إلى ستة عشر نوعا ليس كلها المسكر.
فهناك الكحول الإيثيلي وفي الكحول الميثيلي وفيه أنواع كثيرة جدا من تركيبات الأكسجين والكربون تعد من الكحوليات ، والكحول الذي يسكر هو الكحول الإيثيلي وغير ذلك قد يكون سُم وقد يكون مادة غذائية.
والكحول الذي يسكر وهو الكحول الإيثيلي على دربين: الأول: أن يعد لاستعمال السكر.
والثاني: يوجد في مواد لا تستعمل في السكر فالسادة الحنفية يرون أن النوع الذي أعد لغير السكر فإنه لا يكون نجسا. وما أعد للسكر يكون نجسا.
وعلى ذلك فأنواع المسكرات من شامبانيا وويسكي وغيرها فإنها تكون نجسة.
أما العطور السيارة في السوق فإنها لا تكون نجسة ؛ فهذه المادة والمواد النجسة كلها والخمرة حتى الأصيلة يحدث فيها نوع يسميه الفقهاء الاستحالة ؛ يعني أنها تتحول من حالة إلى حالة ، هذه الحالة نعبر عنها في عصرنا الحالي بالتفاعلات الكيميائية ؛ فلو أن الخمر تفاعل كيميائيًّا مع مادة أخرى وخرجت عن كونها مسكرة كما يحدث في الفانيليا ؛ فإنها تكون طاهرة ، وهذا يسمى عند الفقهاء الطهارة بالتخلل ، ويعني أن الخمر صار خلاَّ. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " نِعْمَ الْأُدُمُ - أَوِ الْإِدَامُ- الْخَلُّ "(1) لأن الخل قد تحول من صورته الكحولية إلى صورة أخرى ، هذا التحول يخرجه من نجاسته ومن حرمة استعماله إلى أنه يكون حلال وكل خل لابد في بدايته أن يمر بالمرحلة الكحولية ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم والفقهاء أقروا على أن الخمر إذا تخللت بنفسها فإنها تصير خلاًّ حلالاًّ طيبًا طاهرًا وعدوه من المطهرات.
وعلى ذلك: فالإجابة على السؤالين:
أولا: أن العطور السيارة لا بأس بها كما يرى الأحناف وعلى ذلك يمكن أن نقول ونفتي بما يقولون.
ثانيا: أن الكحوليات التي تحولت عن كونها كحوليات أصيلة وتستخدم كمكسبات للطعام تطهر ويجوز استعمالها لأنها بهذا الشكل تحولت من حالها إلى حال آخر. أما إذا كانت الكحوليات تبقى لذاتها فلا يجوز إذا بقي الكحول على تركيبته الأصلية من الذي يعلمنا أنها بقيت أم لم تبقى؟ .
إنه الكيميائي والصيدلي ومختص الأغذية وهكذا .
فهو الذي يعرف أنها تتحول بمعنى أنها تنحل إلى عناصرها. فإذا كانت لا تنحل وتبقى على ما هو عليه فلا يجوز.
_________________________________________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة ، بَاب فَضِيلَةِ الْخَلِّ وَالتَّأَدُّمِ بِهِ ( 2051 ) عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : .. به .