س: ما هي مكانة رسالة الإسلام بين رسالات الله السابقة، وما هي أركان الإسـلام والإيمـان، ولماذا سمي الإسـلام بهذا الاسم ؟
الجواب
الإسلام هو رسالة الله الأخيرة للبشر، فهو الدين الخاتم الذي أنزله الله على نبيه الخاتم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كما أنه رسالة الله العامة والمفتوحة للعالمين، فكل نبي جاء برسالة من الله كانت لقومه خاصة، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم بالإسلام رسالة الله الخاتمة للثقلين جميعهم من الإنس والجن، قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]وقال سبحانه : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28] وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158]
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله قد اختصـه بهذه الميـزة فقال صلى الله عليه وسلم : «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة»(أخرجه البخاري في صحيحه، ج1 ص128، ومسلم في صحيحه، ج1 ص 370).
والإسلام دين يسر لا عسر فيه ولا حرج، قال تعالى : {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: 78]. وقال سبحانه : {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]وقد أسس الله هذا الدين في أمره الظاهر على خمسة أركان هي : الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصيام، وحج البيت، وفي عقائده الباطنة الإيمانية على ستة أركان هي : الإيمان بالله، وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، ثم تتفرع من ذلك الإيمان شعب كثيرة نستدل عليها من جملة الأوامر والنواهي في الشريعة الإسلامية التي قد تصل في جملتها إلى بضع وسبعين شعبة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق.
ويبين أركان الإسلام والإيمان حديث جبريل عليه السلام الذي يرويه سيدنا عمر رضي الله عنه حيث قال : « بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال : يا محمد، أخبرنى عن الإسلام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . قال : صدقت. قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال : فأخبرنى عن الإيمان . قال : « أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ». قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان . قال : « أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ». قال : فأخبرني عن الساعة. قال : «ما المسئول عنها بأعلم من السائل ». قال : فأخبرني عن أماراتها. قال : «أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» . قال: ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي : «يا عمر أتدرى من السائل». قلت : الله ورسوله أعلم. قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم »( أخرجه مسلم في صحيحه، ج1 ص 37)، ويخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن شعب الإيمان فيقول: «الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان »(أخرجه البخاري في صحيحه، ج1 ص12، ومسلم في صحيحه، ج1 ص 63، واللفظ له).
أما عن تسمية الإسلام بهذا الاسم؛ فلأن الإسلام دين تسليم واستسلام لله رب العالمين، فهو دين يدعو المسلم إلى الإذعان لله وحده وخلع ما دونه من الآلهة والأوثان وحتى الأهواء فقد يشرك الإنسان مع ربه بأن يتبع هواه، قال تعالى : { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} [الفرقان: 43]،كما يدعوالمسلم إلى السلام مع نفسه، ومع كون الله الفسيح، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»( أخرجه البخاري في صحيحه، ج 1 ص 13، وأخرجه مسلم في صحيحه، ج1 ص 65).
والإسلام هو الدين عند الله، والذي سماه بهذا الاسم وارتضاه إنما هو رب العالمين قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } [المائدة: 3]. وقال سبحانه: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: 78]، وتسمية الله للمسلمين من خصائص هذه الأمة الخاتمة، صاحبة الدين الخاتم، والنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم ، فإن اليهود هم الذين سموا أنفسهم بناء عن دعاء نبي الله موسى عليه السلام لهم بذلك، قال تعالى حكاية عنه : {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]. والنصارى هم الذين سموا أنفسهم بذلك، قال تعالى : {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: 14]. فالحمد لله رب العالمين أن اختصنا بتسميتنا وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً.
ولعلنا نكون بتلك الإجابة عرفنا مكانة الإسلام بين رسالات الله السابقة، وكذلك مما يتكون هذا الدين إجمالاً، ولماذا سمي بالإسلام وسمي أتباعه بالمسلمين، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.