بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله , وبعد....
فقد لاحظنا أنه قد شاع التلاعب بالمفاهيم بإزراء المصطلحات شيوعاً كاد أن يقضي علي الهوية وأصاب الأمة بحالة من الفوضى تعكس الأزمة الفكرية التي تمر بها الأمة مما دفعني في إطار المجموعة البحثية لمشروع المفاهيم بالمعهد العالمي للفكر الإسلامي – مكتب القاهرة- أن تكلم عن قضية المصطلح والاصطلاح وأن أجمع ما تيسر لي في هذا من كتب التراث وأطبقها علي تعريف القياس باعتباره مصطلحاً أصوليا وقدمت لذلك بمدخل لقضية المفاهيم والمصطلحات فوقع ذلك في ثلاثة مباحث:
المبحث الأول : المدخل
المبحث الثاني : الاصطلاح
المبحث الثالث : التطبيق علي شرح مصطلح القياس
ومنها يتبين لنا أن التلاعب بمصطلحات السلف الصالح, أو عدم فهم معانيها يؤدي إلي كارثة علمية محققة, وانهيار تام لأركان العلم وضياع لمفاهيمه, وهذا ما تراه الآن بعد احتلال واختلال مفهوم كلمة العلم , والتي كانت تعني في تراثنا: الإدراك الجازم المطابق للواقع الناشئ عن دليل والذي شاع استعماله الآن في مقابلة ترجمة اللفظة الإنجليزية science ومعناها : العلم المدرك بالحس فقط دون غيره من وسائل الإدراك العقلية أ, السمعية أو العرفانية , مما أدي إلي القول بأن مسألة الألوهية مسألة غير علمية مما يوقع في نفس السامع العامي أنها جهل , حيث إن ضد العلم الجهل , ولقد لبثت كثير من المصطلحات , وشوهت بازائها كثير من المفاهيم مثل الحضارة والدين والتراث والحكومة وغير ذلك مما دعي الشيخ المرصفي إلي أو يؤلف كتابه في أواخر الماضي (الكلم الثمان)[1] ويتكلم فيه عن ما طرأ علي مفاهيم كلمات ثمان لاحظ تغير مدلولها بين الماضي والحاضر, وتقوم الدعاوى الآن لتجديد العلوم الشرعية , ووضع مصطلحات جديدة بدعوى الاجتهاد أو بدعوى التيسير , فينبغي الالتفات بدقة إلي ما يمكن أن يحدثه وضع الألفاظ بإزاء المعاني من خلل في الفهم واضطراب في العلم فعالجت هذه المسألة في بحثي هذا من جانب علم أصول الفقه . وعسي الله أن ينفع به إنه نعم المولي ونعم النصير.
أ.د علي جمعة
[1] انظر : رؤية في تحديث الفكر المصري مع نص : الكلم الثمان أعده د. أحمد زكريا الشلق وطبع بالهيئة العامة للكتاب سنة 1984م.